خليفة الله في الأرض ومراتب الخلفاء المهديين - الجزء الرابع -

الجماعة الإسلامية الأحمدية : أهل السنة البيضاء - الطريقة النقية الأحمدية .
الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية الشريفة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الفرق الإسلامية المنحرفة .
سلسلة : حقيقة دعوة الجماعة الإسلامية الأحمدية 10 :
الموضوع : خليفة الله تعالى في هذه الأرض و مراتب الخلفاء المهديين - الجزء الرابع -:





أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
بسم الله الرحمان الرحيم .
نحمده و نصلي على رسوله الكريم .

ملاحظة : من الأفضل قراءة الأجزاء السابقة لهذا الموضوع قبل قراءة هذا الجزء .

    إن أوّل خطوة بعد ذلك هي العدم للوجود العارض - وجود المخلوقات - و يبقى الوجود المطلق - وجود الخالق - و هو الذي عبّر عنه الله تعالى في القرآن الكريم ؛ بقوله تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ( 26 ) وَ يَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ ) سورة الرحمن الآية 26 - 27 .

    إن مرتبة الفؤاد هي أعلى مراتب القرب من الله تعالى ، فلا يصلها الملائكة المقربون ، فهي مرتبة خاصة بخلفاء الله تعالى . سواء كان الخليفة نبياً أو إماما مهدياً . و هي مرتبة الإسلام النهائي أي إسلام الوجه لله تعالى ؛ بدليل قوله تعالى : ( وَ مَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ ) سورة النساء الآية 125 . و بدليل قوله تعالى : ( وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ) سورة الكهف الآية 28 . و لقد وصف الله تعالى في القرآن الكريم عروج نبيه صلى الله عليه و سلم إلى هذه المرتبة ؛ فقال تعالى : ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ( 8 ) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ( 9 ) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ( 10 ) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) سورة النجم الآية 8 - 11 . و وصف الني صلى الله عليه و سلم موقفه هذا ؛ بقوله صلى الله عليه و سلم : ( فدنوت من ربي حتى صرت منه قاب قوسين أو أدنى ، فوضع سبحانه و تعالى يده على كتفيّ و لم تكن يده محسوسة كيد المخلوقين بل يد قدرة و إرادة ، فوجدت بردها في كبدي ، و أورثني علم الأولين و الآخرين ، فأخذني عند ذلك الثبات و السكون . فظننت أن من في السموات و الأرض قد ماتوا إلا أنا ) الإسراء و المعراج لابن عباس رضي الله تعالى عنه و أرضاه .

    إن الإنسان من مرتبة الفؤاد هذه يعي و يفهم كلام الحق عزوجل ، و لذلك قال صلى الله عليه و سلم : ( و أورثني علم الأولين و الآخرين ) . فيعيش الإنسان في هذه المرتبة لحظة ( الآن الدائم ) ، و هي الأزل و الأبد و السرمد و الحاضر مجتمعة . و هو في هذا الوجود ؛ يعايش ما قبل هذا الوجود و ما بعده . فقد طاف النبي صلى الله عليه و سلم الجنة ؛ و وجد أكثر أهلها الفقراء و إطلع ـ صلى الله عليه و سلم ـ على النار و وجد أكثر أهلها النساء ، رغم أن القيامة لم تقم بعد . و يقول صلى الله عليه و سلم بعد خروجه من طوافه في الجنة : ( و لم أزل أنزل من سماء إلى سماء فلما إنتهيت إلى السماء الدنيا إذا الليل على حاله ، لم يتقدم و لم يتأخر ) الإسراء و المعراج لابن عباس رضي الله تعالى عنه و أرضاه . و ذلك بمعايشته صلى الله عليه وسلم للآن الدائم .

    إن القصد من هذه المرتبة للخليفة ، ليكلم الناس عن شيء عايشه حقيقةً بالرؤية ، و هي مرتبة ( حق اليقين ) . لا بمجرد علوم خبرية يتلقاها عن الملك الكريم ، ليكون الرسول أو الإمام المهدي عليهم السلام شاهداً على كل ما بلغ أمته عنه ، و الشهادة لا تكون إلا عن مشاهدة ؛ بدليل قوله تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ) سورة الأحزاب الآية 45 .

     إن هذا شأن كل نبيٍّ و كل مهدي ـ عليهم السلام ـ ، و من هذه المرتبة يبدأ التنزُّل في أطوار الخلق الترابي من الجماد ، و هو حيُّ بقّيومية الروح الرباني فيه . فالجمادات حية و ليست ميتة كما يعتقد علماء الطبيعة ، و هذه الروح هي مصدر الحياة في الجماد و تدفع الجماد بالقدرة الربانية إلى مرتبة الإنبات ؛ بدليل قوله تعالى : ( وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) سورة نوح الآية 17 . ثم يدخل الطور التالي ، و يتكشف النبات عن الحيوان ، ثم ينفخ فيه الروح ، و الروح هنا هي النفس التي تفارق الجسد عند الموت ، و هي التي ترد مرة أخرى إلى الجسد عند البعث ؛ بدليل قوله تعالى: ( وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) سورة التكوير الآية 7 . أي عادت إلى الجسد .

    إن هذه الأطوار في الخلق يوازيها تدرج العقول ؛ فالفؤاد لمرتبة التراب ، و هي مرتبة الفطرة الإلهية ؛ بدليل قـوله تعـالى : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) سورة الروم الآية 30 . فكلمة فطر معناها بدأ الخلق ، و الفطرة مشتقة منها . يقول الله تعالى : ( فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ) سورة يوسف الآية 101 . أي خالقها من غير مثال سابق . و القلب لمرتبة الحيوان ؛ و هي مرتبة الإلهام ، و القلب الحيواني يحيا حياتان ؛ إذ تلتقي فيه الروح من جهة ذاته الجمادي مع النفس من جهة ذاته الحيواني ، فهو متقلب بين هذين المقامين . فإن غلبت عليه الروح صار بيتاً للحكمة و محطاً لتلقي الأنوار الربانية ، و إن غلبت عليه النفس كان بيتاً للشيطان متبعاً لشهواته ، فهو بين إصبعين من أصابع الرحمن كما قال النبي الكريم صلى الله عليه و سلم ، إن شاء أضله وإن شاء هداه . فإن صلح بالروح صلح الجسد كله ، و إن فسد بالنفس فسد الجسد كله . و إلى هذه المرتبة يشير قوله تعالى : ( وَ هَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) سورة البلد الآية 10 . و قوله تعالى : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَ إِمَّا كَفُورًا ) سورة الإنسان الآية 3 . و تتعلق النفس من الطرف الآخر بالعقل الظاهري ، و هو الفكر في مرتبة السمع . وهو من مرحلتين : متخلف حيواني ، و متطور إنساني .
و الله تعالى أعلم .
 و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
.................... يتبع باذن الله تعالى ...................