نهاية النشأة الأولى للمسيح الموسوي عليه السلام في قومه بني إسرائيل .

الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية المطهرة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الفرق الإسلامية المنحرفة .

سلسلة : حقيقة دعوة أهل السنة البيضاء المحمدية23 :

الموضوع : نهاية النشأة الأولى للمسيح الموسوي عليه السلام في قومه بني إسرائيل .

      يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي قدس الله تعالى سره الشريف : " نشأة متحدة ، و هيئة فردية متجسدة ؛ فلما كملت بنيتها ، و تخلقت بصفتها ، نفخ فيه الشخص الروحاني و الكلمة الإلهية و الأمر الرباني ؛ فقامت النشأة على ساقها تعتمد ، و بأمرها تستند ، و توارى الدور بالنشأة على أصل البدء إلى أن سلخ ذلك النهار من ليل أرضه ، و إلتحق بعنصره الأعلى " كتاب " عنقاء مغرب في ختم الأولياء و شمس المغرب " " لؤلؤة إلتحام اليواقيت و إنتظام المواقيت " .
 الشرح و التعليق على قول الشيخ الأكبر رضي الله تعالى عنه و أرضاه :
      إن قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " نفخ فيه " ؛ معناه : أن الله تعالى قد نفخ في رحم مريم إبنت عمران عليها السلام نفخ " الشخص الروحاني و الكلمة الإلهية و الأمر الرباني " ؛ لأن " النفخ " يعود لله تعالى و المنفوخ فيه هو " مريم إبنت عمران عليها السلام " ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَ جَعَلْنَاهَا وَ ابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ( 91 ) " سورة الأنبياء . فالله تعالى نفخ في مريم إبنت عمران عليه السلام ؛ بدليل قوله تعالى : " فيها " ، لما بلغت مرتبة روحانية تسمى " الصديقية " ؛ بدليل قوله تعالى : " مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ( 75 ) " سورة المائدة . و لذلك نجد أن الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام يؤكد مرارا و تكرارا قد أشار إليه ب : " مريم إبنت عمران عليها السلام " لما بلغ ـ عليه السلام ـ المرتبة الروحانية التي تسمى " الصديقية " ثم نفخ فيه من روحه فأنعم عليه ـ عليه السلام ـ بنعمة النبوة ؛ فجعله المسيح عيسى ابن مريم المحمدي الموعود عليه السلام .
      و أما قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " الشخص الروحاني " ؛ فمعناه : أن هذا الشخص الروحاني هو المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام ؛ لأنه ـ رضي الله تعالى عنه و أرضاه ـ قد عطف عليه ـ عليه السلام ـ " و الكلمة الإلهية " و " و الأمر الرباني " ؛ لقوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه مباشرة : " و الكلمة الإلهية و الأمر الرباني " .
      و أما قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " و الكلمة الإلهية " ؛ فمعناه : أن المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام هو الكلمة الإلهية في قومه بني إسرائيل ؛ بدليل قوله تعالى : " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ " سورة النساء الآية 171 .
      و أما قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " و الأمر الرباني " ؛ فمعناه : فهو راجع إلى المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام ؛ بدليل قوله تعالى : " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 59 ) " سورة آل عمران . و بدليل قوله تعالـى : " قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِيًّا ( 20 ) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَّا وَ كَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ( 21 ) " سورة مريم .
      و أما قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " توارى الدور بالنشأة على أصل البدء " ؛ فمعناه : أن جسد المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام قد توارى في التراب ، و أن روحه ـ عليه السلام ـ قد عادت " على أصل البدء " .  و " أصل بدء " المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام هو الروح من الله تعالى ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ رُوحٌ مِنْهُ " . و ذلك وفقا للقاعدة التي حددها الله تعالى في القرآن الحكيم ؛ بدليل قوله تعالى : " كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ " سورة الأنبياء الآية 104 .
      و أما قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " إلتحـق بعنصره الأعلى " ؛ فمعناه : أن روح المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام قد رفعت إلى الله تعالى ؛ بدليل قوله تعالى : " إِنِّي مُتَوَفِّيـكَ وَ رَافِعُـكَ إِلَيَّ " سورة آل عمران الآية 55 .
      و أما قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " عنصره الأعلى " ؛ فمعناه : أن رفع المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام كان بالروح لا بالجسد ، و أنه ـ عليه السلام ـ قد إلتحق بروح الله تعالى الأعلى ؛ لأنه روحه ـ عليه السلام ـ من روح الله تعالى ، و ليست منفصلة عنه ، حتى لا يظن أنه ـ عليه السلام ـ إله ؛ بدليل قوله تعالى : " و روح منه " سورة النساء الآية 171 . و لأن الأجساد لا تعرج إلى الله تعالى ، و إنما تعرج إليه ـ تعالى ـ الأرواح ؛ بدليل قوله تعالى : " تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ " سورة المعارج الآية 4 .
      و أما قوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " توارى الدور بالنشأة على أصل البدء " ؛ فمعناه : أن جسد المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام قد توارى دوره في هذه الأرض ، و أما روحه فقد رفعت إلى الله تعالى ، فإنتهت دورة نشأته  في قومه بني إسرائيل .
      و لقد أشار الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي قدس الله تعالى سره الشريف إلى نهاية نشأته ـ عليه السلام ـ في بني إسرائيل ؛ بقوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " فأنظر و تأمل أيها الولي الأكمل إلى نبي فقدت جثته ، و بقيت عند الآحاد سنته " كتاب " عنقاء مغرب في ختم الأولياء و شمس المغرب " " بحر طامس و بحر غاطس " ، فجثة المسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام قد توارت في الأرض ، و فقدت جثته عن أعين الناس ، و رجعت روحه إلى بارئها ، و إنتهت نشأته ـ عليه السلام ـ في بني إسرائيل ؛ فمات كمن قبله و من بعده من البشر الأنبياء ، إلا أن الله تعالى سينشأه و سيخلقه مرة ثانية ؛ لقوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " توارى الدور بالنشأة على أصل البدء " ؛ بدليل قوله تعالى : " نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَ مَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ( 60 ) عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَ نُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ( 61 ) وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ( 62 ) " سورة الواقعة . و بدليل قوله تعالى : "  أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ۚ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( 15 ) " سورة ق . و ذلك في شخص يكون مثيلا له من هذه الأمة المرحومة ؛ لقوله رضي الله تعالى عنه و أرضاه : " بالنشأة على أصل البدء " ؛ بدليل قوله تعالى : "  وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ( 57 ) وَ قَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ( 58 ) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَ جَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ( 59 ) " سورة الزخرف .

و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............ يتبع بإذن الله تعالى ...................