الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن، عن دعوة الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام، عن القرآن الكريم، عن السنة النبوية الشريفة، عن أحاديث النبوية الشريفة، عن السلف الصالح. سلسلة : ""الأحمدية"؛ هي : "الإسلام الأصيل"" 43 : الموضوع: "مواصفات المبعوث الإلهي، وبيان مدى إنطباقها على الميرزا غلام أحمد القادياني". لقد وضع الله تعالى مواصفات للمبعوث الإلهي؛ مثل: * أولا: "لديه العلم والمعرفة اللدنية": إن علوم المبعوث الإلهي؛ تنقسم إلى قسمين: - اولا: علم إكتسبه بالعقل والتجربة والخبرة: وذلك مثل ذلك الذي ناله المسيح الناصري عليه السلام من اليهود، وقد لا يتوفر هذا العلم في بعض الأنبياء عليهم السلام؛ كصفة كمال لهم. - ثانيا: علم حازه من الله تعالى: وهو الذي يميزه عن باقي العلماء، وهو عين الحكمة. مثل علوم النبي صلى الله عليه وسلم والإمام المهدي الميرزا غلام احمد القادياني عليه السلام. فهو لم ينل أي علم
الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية الشريفة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الفرق الإسلامية المنحرفة .
سلسلة : " حقيقة دعوة " الطريقة النقية الأحمدية " " 68 :
الموضوع : " مقام الختم " ؛ ل : " عيسى الختم " .
يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في كتابه " عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء و شمس المغرب " ؛ ما يلي : " و اعلم أن الله تعالى ذكر الختم المكرم ... في مواضع كثيرة من كتابه العزيز تنبيهاً عليه ... المنسوب إلى بيت النبي صلى الله عليه و سلم ... و هذا فصل يحتوي على مولده ، و مسكنه ، و قبيلته ، و ما يكون من أمره إلى حين موته ، و اسمه ، و أسماء أبويه مما تضمنه نص القرآن الصحيح و الخبر الواضح الصريح ... في آل عمران أربع مواضع . الإعتناء به قبل وجود عينه ، و تقوُّم شرفه قبل كونه ، و أثاره الحميدة ، و أفعاله المشهودة ، و الحاقة بالنقص و الحط و النقص ، و الحل بعد الشد و الربط و مسكنه الذي لا تغيره الذاريات ، و لا تجهله التاليات ؛ أوجب التصديق به خالقه ، و أودعه في الشرع واثقه ... " . ثم يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " و أما الخبر الصحيح في مثل البخاري و مسلم ... و أما النبي محمد صلى الله عليه و سلم ؛ فإنه اجتمع به في الأرض التي خلق منها آدم عليه السلام ... ، و إنه زائل عن مرتبته بختمه ، و ظاهر بعلم غيره لا بعلمه ، و جار في ملكه على خلاف حكمه . و لولا ظهر بهذا العلم ، و حكمه بهذا الحكم ؛ ما صح له مقام الختم ، و لا ختمت به ولاية ، و لا كملت به هداية " .
أقول :
إن أوصاف الإمام المهدي ابن مريم المحمدي عليه السلام التي ذكرها الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه هي نفسها أوصاف مثيله المعلم المخلص ابن مريم الموسوي عليه السلام ؛ فمثلا :
قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في المسيح المحمدي عليه السلام : " الإعتناء به قبل وجود عينه " . قد تحقق بالتبشير به ـ عليه السلام ـ. قبل مولده على لسان الأنبياء عليهم السلام الذين سبقوه ؛ مثل المسيح الموسوي عليه السلام ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرٰىةِ وَ مُبَشِّرًۢا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنۢ بَعْدِى اسْمُهُۥٓ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِالْبَيِّنٰتِ قَالُوا هٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ( 6 ) " سورة الصف . و هو يماثل تبشير الملائكة عليها السلام بأمر الله تعالى بميلاد المسيح الموسوي عليه السلام قبل مولده ؛ بدليل قوله تعالى : " إِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالْءَاخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( 45 ) " سورة آل عمران .
كما أن في قوله ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " تقوم شرفه قبل كونه " . تدل على تبيين عظم مقامه ـ عليه السلام ـ ؛ لقوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " إِنِّي لَأَرْجُو إِنْ طَالَ بي عمر أن ألقى عيسى بن مَرْيَمَ فَإِنْ عَجَّلَ بِي مَوْتٌ فَمَنْ لَقِيَهُ فليقرأه مِنِّي السَّلَامُ " . و هو مماثل لتبيين عظم مقام المسيح الموسوي عليه السلام ؛ بدليل قوله تعالى على لسان الملائكة عليها السلام : " إِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالْءَاخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( 45 ) " سورة آل عمران .
و أما قوله ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ عن المسيح المحمدي عليه السلام : " و آثاره الحميدة " . أي أنه ـ عليه السلام ـ يتصف ب ؛ " الصلاح " ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم في حق الإمام المهدي عليه السلام : " وَ إِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ " . و هو مماثل لبيان وصف الملائكة عليها السلام للمسيح الموسوي عليه السلام ؛ ب : " الصلاح " ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَ مِنَ الصّٰلِحِينَ ( 46 ) " سورة آل عمران .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " و أفعاله المشهودة " . فهي كما أخبر عنها صلى الله عليه و سلم : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَ يَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَ يَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " . و هي مماثلة للأفعال المشهودة للمسيح الموسوي عليه السلام المبينت في قوله تعالى : " وَ رَسُولًا إِلٰى بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْـَٔةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْىِ الْمَوْتٰى بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَ أُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَءَايَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ( 49 ) " سورة آل عمران .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " مسكنه الذي لا تغيره الذاريات و لا تجهله التاليات " ؛ فهو ما أوحي إلى المسيح المحمدي عليه السلام : " إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوٓا إِلٰى يَوْمِ الْقِيٰمَةِ " كتاب " التذكرة " . و هي نفسها الآية القرآنية الكريمة التي تتحدث عن المسيح الموسوي عليه السلام : " إِذْ قَالَ اللَّهُ يٰعِيسٰىٓ إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَ رَافِعُكَ إِلَىَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوٓا إِلٰى يَوْمِ الْقِيٰمَةِ ۖ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ( 55 ) " سورة آل عمران . أي أن مسكنه ـ عليه السلام ـ ؛ هو " كنف الله تعالى " .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " الميثاق الذي واثقه به " ؛ فهو إشارة إلى الميثاق الذي أخذه الله تعالى من من سبقه ـ عليه السلام ـ من الأنبياء عليهم السلام المبين في قوله تعالى : " وَ إِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّۦنَ مِيثٰقَهُمْ وَ مِنكَ وَ مِن نُّوحٍ وَ إِبْرٰهِيمَ وَ مُوسٰى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَ أَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثٰقًا غَلِيظًا ( 7 ) " سورة الأحزاب . و هو مماثل لميثاق المسيح الموسوي عليه السلام الذي نقضه أعداءه من بني إسرائيل ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ رَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثٰقِهِمْ وَ قُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَ قُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِى السَّبْتِ وَ أَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثٰقًا غَلِيظًا ( 154 ) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثٰقَهُمْ وَ كُفْرِهِم بِـَٔايٰتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) " سورة النساء .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " الخبر الواضح الصريح " ؛ فهو إشارة منه رضي الله تعالى عنه و رضي عنه إلى الصحيحين البخاري و مسلم رحمهما الله تعالى خصوصا و الصحاح عموما . و هذا إن دل فإنما يدل على أن " الإمام المهدي " الذي هو " خاتم الأولياء " في الأمة المحمدية إنما هو " المسيح عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام " ؛ لأن كل الأحاديث النبوية المشرفة التي تتحدث عن الإمام المهدي عليه السلام في الصحيحين خصوصا تتحدث عن نزول المسيح عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام تصريحا ؛ مثل :
أولا : قوله صلى الله عليه و سلم : " وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَ يَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَ يَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " صحيح البخاري | كِتَابٌ : الْبُيُوعُ | بَابُ قَتْلِ الْخِنْزِيرِ .
ثانيا : قوله صلى الله عليه و سلم : " وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَ يَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَ يَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْإِيمَانُ | بَابٌ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " زايل بمرتبته بختمه " ؛ فمعناه : أنه ـ عليه السلام ـ واصل إلى مرتبته هذه ( ختم النبوة العامة و ختم الولاية " بفضل خاتمه ـ صلى الله عليه و سلم ـ . لأنه ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " خَاتِمِ النَّبِيِّينَ " . فهو ـ عليه السلام ـ يبعث لمواصلة عمل خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ؛ لقوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه بعدها : " و ظاهر بعلم غيره لا بعلمه ، و جار في ملكه على خلاف حكمه " . أي : أنه ـ عليه السلام ـ ظاهر بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ـ القرآن الكريم ـ التي ورثها منه ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، و جار في مملكة النبي صلى الله عليه و سلم الروحانية بحكمه ـ صلى الله عليه و سلم ـ ؛ أي أنه ـ عليه السلام ـ يحكم بحكم النبي صلى الله عليه و سلم ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " يَقْفُوا أَثَري لا يُخْطِئُ " .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " و جار في ملكه " أي أن الإمام المهدي عليه السلام غلام لمملكة النبي صلى الله عليه و سلم الروحانية .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " و لولا ظهر بهذا العلم ، و حكمه بهذا الحكم ؛ ما صح له مقام الختم ، و لا ختمت به ولاية ، و لا كملت به هداية " . فمعناه : أنه لولا ظهور الإمام المهدي عليه السلام بعلم القرآن الكريم ، و لولا حكمه بشريعة النبي صلى الله عليه و سلم ؛ ما صح له " مقام الختم " ، و لما أصبح " خاتم الأولياء " ، و لما نال صفة و لقب " الإمام المهدي " .
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............... يتبع بإذن الله تعالى ...............
سلسلة : " حقيقة دعوة " الطريقة النقية الأحمدية " " 68 :
الموضوع : " مقام الختم " ؛ ل : " عيسى الختم " .
يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في كتابه " عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء و شمس المغرب " ؛ ما يلي : " و اعلم أن الله تعالى ذكر الختم المكرم ... في مواضع كثيرة من كتابه العزيز تنبيهاً عليه ... المنسوب إلى بيت النبي صلى الله عليه و سلم ... و هذا فصل يحتوي على مولده ، و مسكنه ، و قبيلته ، و ما يكون من أمره إلى حين موته ، و اسمه ، و أسماء أبويه مما تضمنه نص القرآن الصحيح و الخبر الواضح الصريح ... في آل عمران أربع مواضع . الإعتناء به قبل وجود عينه ، و تقوُّم شرفه قبل كونه ، و أثاره الحميدة ، و أفعاله المشهودة ، و الحاقة بالنقص و الحط و النقص ، و الحل بعد الشد و الربط و مسكنه الذي لا تغيره الذاريات ، و لا تجهله التاليات ؛ أوجب التصديق به خالقه ، و أودعه في الشرع واثقه ... " . ثم يقول ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ : " و أما الخبر الصحيح في مثل البخاري و مسلم ... و أما النبي محمد صلى الله عليه و سلم ؛ فإنه اجتمع به في الأرض التي خلق منها آدم عليه السلام ... ، و إنه زائل عن مرتبته بختمه ، و ظاهر بعلم غيره لا بعلمه ، و جار في ملكه على خلاف حكمه . و لولا ظهر بهذا العلم ، و حكمه بهذا الحكم ؛ ما صح له مقام الختم ، و لا ختمت به ولاية ، و لا كملت به هداية " .
أقول :
إن أوصاف الإمام المهدي ابن مريم المحمدي عليه السلام التي ذكرها الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله تعالى عنه و رضي عنه هي نفسها أوصاف مثيله المعلم المخلص ابن مريم الموسوي عليه السلام ؛ فمثلا :
قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في المسيح المحمدي عليه السلام : " الإعتناء به قبل وجود عينه " . قد تحقق بالتبشير به ـ عليه السلام ـ. قبل مولده على لسان الأنبياء عليهم السلام الذين سبقوه ؛ مثل المسيح الموسوي عليه السلام ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرٰىةِ وَ مُبَشِّرًۢا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنۢ بَعْدِى اسْمُهُۥٓ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِالْبَيِّنٰتِ قَالُوا هٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ( 6 ) " سورة الصف . و هو يماثل تبشير الملائكة عليها السلام بأمر الله تعالى بميلاد المسيح الموسوي عليه السلام قبل مولده ؛ بدليل قوله تعالى : " إِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالْءَاخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( 45 ) " سورة آل عمران .
كما أن في قوله ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " تقوم شرفه قبل كونه " . تدل على تبيين عظم مقامه ـ عليه السلام ـ ؛ لقوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " إِنِّي لَأَرْجُو إِنْ طَالَ بي عمر أن ألقى عيسى بن مَرْيَمَ فَإِنْ عَجَّلَ بِي مَوْتٌ فَمَنْ لَقِيَهُ فليقرأه مِنِّي السَّلَامُ " . و هو مماثل لتبيين عظم مقام المسيح الموسوي عليه السلام ؛ بدليل قوله تعالى على لسان الملائكة عليها السلام : " إِذْ قَالَتِ الْمَلٰٓئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالْءَاخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( 45 ) " سورة آل عمران .
و أما قوله ـ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ـ عن المسيح المحمدي عليه السلام : " و آثاره الحميدة " . أي أنه ـ عليه السلام ـ يتصف ب ؛ " الصلاح " ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم في حق الإمام المهدي عليه السلام : " وَ إِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ " . و هو مماثل لبيان وصف الملائكة عليها السلام للمسيح الموسوي عليه السلام ؛ ب : " الصلاح " ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَ مِنَ الصّٰلِحِينَ ( 46 ) " سورة آل عمران .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " و أفعاله المشهودة " . فهي كما أخبر عنها صلى الله عليه و سلم : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَ يَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَ يَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " . و هي مماثلة للأفعال المشهودة للمسيح الموسوي عليه السلام المبينت في قوله تعالى : " وَ رَسُولًا إِلٰى بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْـَٔةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْىِ الْمَوْتٰى بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَ أُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَءَايَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ( 49 ) " سورة آل عمران .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " مسكنه الذي لا تغيره الذاريات و لا تجهله التاليات " ؛ فهو ما أوحي إلى المسيح المحمدي عليه السلام : " إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوٓا إِلٰى يَوْمِ الْقِيٰمَةِ " كتاب " التذكرة " . و هي نفسها الآية القرآنية الكريمة التي تتحدث عن المسيح الموسوي عليه السلام : " إِذْ قَالَ اللَّهُ يٰعِيسٰىٓ إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَ رَافِعُكَ إِلَىَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوٓا إِلٰى يَوْمِ الْقِيٰمَةِ ۖ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ( 55 ) " سورة آل عمران . أي أن مسكنه ـ عليه السلام ـ ؛ هو " كنف الله تعالى " .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " الميثاق الذي واثقه به " ؛ فهو إشارة إلى الميثاق الذي أخذه الله تعالى من من سبقه ـ عليه السلام ـ من الأنبياء عليهم السلام المبين في قوله تعالى : " وَ إِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّۦنَ مِيثٰقَهُمْ وَ مِنكَ وَ مِن نُّوحٍ وَ إِبْرٰهِيمَ وَ مُوسٰى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَ أَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثٰقًا غَلِيظًا ( 7 ) " سورة الأحزاب . و هو مماثل لميثاق المسيح الموسوي عليه السلام الذي نقضه أعداءه من بني إسرائيل ؛ بدليل قوله تعالى : " وَ رَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثٰقِهِمْ وَ قُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَ قُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِى السَّبْتِ وَ أَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثٰقًا غَلِيظًا ( 154 ) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثٰقَهُمْ وَ كُفْرِهِم بِـَٔايٰتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) " سورة النساء .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " الخبر الواضح الصريح " ؛ فهو إشارة منه رضي الله تعالى عنه و رضي عنه إلى الصحيحين البخاري و مسلم رحمهما الله تعالى خصوصا و الصحاح عموما . و هذا إن دل فإنما يدل على أن " الإمام المهدي " الذي هو " خاتم الأولياء " في الأمة المحمدية إنما هو " المسيح عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام " ؛ لأن كل الأحاديث النبوية المشرفة التي تتحدث عن الإمام المهدي عليه السلام في الصحيحين خصوصا تتحدث عن نزول المسيح عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام تصريحا ؛ مثل :
أولا : قوله صلى الله عليه و سلم : " وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَ يَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَ يَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " صحيح البخاري | كِتَابٌ : الْبُيُوعُ | بَابُ قَتْلِ الْخِنْزِيرِ .
ثانيا : قوله صلى الله عليه و سلم : " وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَ يَضَعَ الْجِزْيَةَ ، وَ يَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْإِيمَانُ | بَابٌ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه في حق المسيح المحمدي عليه السلام : " زايل بمرتبته بختمه " ؛ فمعناه : أنه ـ عليه السلام ـ واصل إلى مرتبته هذه ( ختم النبوة العامة و ختم الولاية " بفضل خاتمه ـ صلى الله عليه و سلم ـ . لأنه ـ صلى الله عليه و سلم ـ : " خَاتِمِ النَّبِيِّينَ " . فهو ـ عليه السلام ـ يبعث لمواصلة عمل خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ؛ لقوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه بعدها : " و ظاهر بعلم غيره لا بعلمه ، و جار في ملكه على خلاف حكمه " . أي : أنه ـ عليه السلام ـ ظاهر بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ـ القرآن الكريم ـ التي ورثها منه ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، و جار في مملكة النبي صلى الله عليه و سلم الروحانية بحكمه ـ صلى الله عليه و سلم ـ ؛ أي أنه ـ عليه السلام ـ يحكم بحكم النبي صلى الله عليه و سلم ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " يَقْفُوا أَثَري لا يُخْطِئُ " .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " و جار في ملكه " أي أن الإمام المهدي عليه السلام غلام لمملكة النبي صلى الله عليه و سلم الروحانية .
و أما قوله رضي الله تعالى عنه و رضي عنه : " و لولا ظهر بهذا العلم ، و حكمه بهذا الحكم ؛ ما صح له مقام الختم ، و لا ختمت به ولاية ، و لا كملت به هداية " . فمعناه : أنه لولا ظهور الإمام المهدي عليه السلام بعلم القرآن الكريم ، و لولا حكمه بشريعة النبي صلى الله عليه و سلم ؛ ما صح له " مقام الختم " ، و لما أصبح " خاتم الأولياء " ، و لما نال صفة و لقب " الإمام المهدي " .
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............... يتبع بإذن الله تعالى ...............
تعليقات
إرسال تعليق