الإيمان الراسخ للمسيح المحمدي و جماعته بعقيدة ختم النبوة ـ الجزء الأول ـ .
لقد تحدث المسيح المحمدي عليه السلام عن المفهوم الحقيقي لعقيدة " ختم النبوة " في كتبه وخطاباته ؛ مثل : كتابه الشهير " البراهين الأحمدية " و آخر خطاب له ـ عليه السلام ـ قبل وفاته بيوم واحد .
إن آية " ختم النبوة " و حديث " لا نبي بعدي " ينسف عقيدة البهائيين و التقليديين حول موضوع " ختم النبوة " من جذورها . إذ يدل دلالة واضحة يقينية و قطعية على إنقطاع النبوة بعد النبي صلى الله عليه و سلم . فكيف يبعث نبي تشريعي بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم مثلما يزعم البهائيون ؟ و كيف يبعث نبي مستقل من غير هذه الأمة المرحومة مع تدينه بالديانة الموسوية و نسخه لأحكام الشريعة المحمدية الكاملة مثل الحرية الدينية و الجزية ؟
إن آية " ختم النبوة " و حديث " لا نبي بعدي " يؤكد صحة عقيدة الأحمديين حول موضوع " ختم النبوة " . إذ بين الله تعالى في القرآن الكريم أن بعضا من أفراد المحمدية سيصلون إلى أعلى المقامات الروحانية بشرط طاعة الله تعالى و رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم ؛ بدليل قوله تعالى : { وَ مَن يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولٰٓئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّۦنَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَآءِ وَ الصّٰلِحِينَ ۚ وَ حَسُنَ أُولٰٓئِكَ رَفِيقًا }[ سورة النساء : 69 ] . و ذلك إستجابة منه ـ عز و جل ـ لدعائهم { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرٰطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرٰطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّآلِّينَ (7) }[ سورة الفاتحة : 5 الى 7 ] . و لا شك أن من بين هؤلاء المنعم عليهم ؛ ذلك الرجل الفارسي ـ و الذي يكون من الأمة المحمدية ـ أي : على دين الإسلام و الشريعة المحمدية ـ ـ ، و هو الإمام المهدي عليه السلام .
إن الإمام المهدي هو مسيح الأمة المحمدية ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " وَ لَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " سنن ابن ماجه | كِتَابُ الْفِتَنِ | بابٌ : شِدَّةُ الزَّمَانِ . و إن المسيح عيسى ابن مريم هو إمام الأمة المحمدية ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَ إِمَامُكُمْ مِنْكُمْ " صحيح البخاري | كِتَابٌ : أَحَادِيثُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ | بَابٌ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ . و كونه ـ عليه السلام ـ إماما للأمة المحمدية ، يعني أنه هو : " الإمام الْمَهْدِيّ " ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا ، وَ حَكَمًا عَدْلًا " مسند أحمد |مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . و لذلك ، فمن الطبيعي أن ينعم الله تعالى على الإمام المهدي عليه السلام بإحدى هاته النعم المبينة في قوله تعالى : { وَ مَن يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولٰٓئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّۦنَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَآءِ وَ الصّٰلِحِينَ ۚ وَ حَسُنَ أُولٰٓئِكَ رَفِيقًا }[ سورة النساء : 69 ] . و بالفعل ؛ فقد أنعم الله تعالى عليه ، و جعله مثيلا للمسيح عيسى ابن مريم الموسوي عليه السلام ، تحقيقا لقوله تعالى : { وَ لَمَّا ضُرِبَ " ابْنُ مَرْيَمَ " " مَثَلًا " إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ( 57 ) وَ قَالُوٓا ءَأٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًۢا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ( 58 ) " إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَ جَعَلْنٰهُ مَثَلًا لِّبَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ ( 59 )
} [ سورة الزخرف : 57 الى 59 ] .
لقد بين النبي صلى الله عليه و سلم عند تفسيره لقوله تعالى : { هُوَ الَّذِىٓ أَرْسَلَ رَسُولَهُۥ بِالْهُدٰى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِۦ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [ سورة التوبة : 33 ] . أن المقصود بالرسول هو المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، لأنه هو الذي يهلك الملل إلا الإسلام ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ، وَ دِينُهُمْ وَاحِدٌ ، وَ إِنِّي أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ نَبِيٌّ ، وَ إِنَّهُ نَازِلٌ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ ، فَاعْرِفُوهُ : رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَ الْبَيَاضِ ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ ، وَ إِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَ يَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا ، إِلَّا الْإِسْلَامَ ، وَ يُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ " مسند أحمد | مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . لقد ثبت عنه ـ صلى الله عليه و سلم ـ عن كونه هو المقصود الوحيد ؛ ب : " رَسُولَهُۥ " في هذه الكريمةو؛ لما رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه : " عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : " لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَ الْعُزَّى " . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ، أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا . قَالَ : " إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعْبُدَ دَوْسٌ ذَا الْخَلَصَةِ . إذن ؛ فالثابت عن الله تعالى و النبي صلى الله عليه و سلم هو وصفهما لعيسى ابن مريم الموعود نزوله في آخر الزمان ؛ ب : " الرسول " . كما وصفه النبي صلى الله عليه و سلم ؛ ب : " النبي " ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " ... وَ يُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ ... فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ ... ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ ... فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ ... " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَأَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : ذِكْرُ الدَّجَّالِ .
لقد حقق الله تعالى وعده المبين في قوله تعالى : { وَ مَن يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولٰٓئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّۦنَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَآءِ وَ الصّٰلِحِينَ ۚ وَ حَسُنَ أُولٰٓئِكَ رَفِيقًا }[ سورة النساء : 69 ] . إذ قد جعل الميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام " إِمَامًا مَهْدِيًّا ، وَ حَكَمًا عَدْلًا " و " نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى " و " فِيكُمْ وَ إِمَامُكُمْ مِنْكُمْ " . ف { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
................ يتبع بإذن الله تعالى ............
تعليقات
إرسال تعليق