الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية الشريفة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الخرق الإسلامية المنحرفة .
سلسلة : " " الأحمدية " ؛ هي : " الإسلام الحقيقي " " 40 :
الموضوع :
المهدي المعهود و المسيح الموعود وصفان لرجل واحد ـ الجزء الأول ـ .
لقد بين النبي صلى الله عليه و سلم في الكثير من الأحاديث النبوية المشرفة أن الإمام المهدي و المسيح المحمدي وصفان ولقبان لشخص واحد ؛ فقد بين أن المهدي المعهود هو عيسى ابن مريم الموعود ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " وَلَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " سنن ابن ماجه | كِتَابُ الْفِتَنِ | بابٌ : شِدَّةُ الزَّمَانِ . و أن عيسى بن مريم الموعود هو المهدي المعهود ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا، وَحَكَمًا عَدْلًا " مسند أحمد |مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . و يكفي طالب الهدى و العلم هذان الحديثان النبويان الشريفان لإثبات حقيقة مفادها أن المهدي المعهود و المسيح الموعود وصفان لرجل واحد ، كما أن هناك أدلة عديدة أخرى ، و منها هذا الدليل الذي يتحدث عن حقائق تخص المسيح الناصري عليه السلام ، و هو في حقيقته مجموعة من الأدلة ، كل واحد منها دليل قائم بذاته يؤكد أن الإمام المهدي هو المسيح المحمدي و ليس المسيح الناصري عليه السلام ، أي أن المهدي هو المسيح و المسيح هو المهدي ، و هي :
أولا : وفاة المسيح عيسى ابن مريم الناصري عليه السلام ؛ بدليل قوله تعالى : { ... وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ } [ سورة المائدة : 117 ] . أي أن الله تعالى يسأل المسيح الناصري عليه السلام يوم القيامة { ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ... } [ سورة المائدة : 116 ] . فيجيبه المسيح الناصري عليه السلام : { ... سُبْحٰنَكَ مَا يَكُونُ لِىٓ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُۥ فَقَدْ عَلِمْتَهُۥ ۚ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلَآ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلّٰمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَآ أَمَرْتَنِى بِهِۦٓ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ (117) } [ سورة المائدة : 116 إلى 117 ] . فلو أن بني إسرائيل فسدوا في حياته ـ عليه السلام ـ أو أنه ـ عليه السلام ـ ينزل في آخر الزمان ، لأعتبرت إجابته هذه كذب على الله تعالى ، لأنه يعلم بإتخاذ بني إسرائيل له ـ عليه السلام ـ إلها في حياته أو عند نزوله في آخر الزمان ، و إن عدم علمه ـ عليه السلام ـ دليل على وفاته . و إن لفظ " تَوَفَّيْتَنِى " الوارد في قوله تعالى : { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَآ أَمَرْتَنِى بِهِۦٓ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ } [ سورة المائدة : 117 ] قد ورد بمعنى : " أمتني " ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قد استخدم نفس هذه الآية الكريمة بمعنى " الموت " ؛ لما رواه البخاري رحمه الله تعالى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ". ثُمَّ قَالَ : { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }. إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ قَالَ : " أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلَا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي. فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ }. فَيُقَالُ : إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ " " صحيح البخاري | كِتَابُ التَّفْسِيرِ | سُورَةُ الْمَائِدَةِ | بَابُ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ . فلو كان معنى " تَوَفَّيْتَنِي " ؛ هو : " أنمتني " أو " قبضتني بالروح و الجسد " أو " رفعتني بالروح و الجسد " لكان إستدلال النبي صلى الله عليه و سلم خاطئا ـ و اللعياذ بالله تعالى ـ . و لا خلاف بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه و سلم قد إستخدم هذه الآية الكريمة بمعنى موته ـ صلى الله عليه و سلم ـ و عدم علمه بما جرى بعد وفاته . بل إن في لفظ " فَارَقْتَهُمْ " إشارة إلى أن طريقة مفارقة المسيح الناصري عليه السلام لبني إسرائيل بنفس طريقة مفارقة النبي صلى الله عليه و سلم لأصحابه ؛ أي : بال " الموت " لا بالرفع الجسدي إلى السماء المادية .
ثانيا : أن الميت لا يعود إلى الحياة الدنيا ؛ بدليل قوله تعالى : { وَحَرٰمٌ عَلٰى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنٰهَآ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ } [ سورة الأنبياء : 95 ]
ثالثا : أن الله تعالى حكيم ، و من حكمته ـ عز و جل ـ أنه لا يبعث شخصان لمهمة واحدة . فقد ورد في أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم أن الإمام المهدي يكون حكما عدلا ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا يَوْمٌ لَبَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا " سنن أبي داود | أَوَّلُ كِتَابِ الْمَهْدِي . كذلك ورد عن المسيح الموعود أنه يبعث حكما عدلا أيضا ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا " صحيح البخاري | كِتَابٌ : أَحَادِيثُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ | بَابٌ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ . و إن كان لا بد لله تعالى أن يبعث المهدي المعهود و المسيح الموعود لمهمة وحدة . فما هي الحكمة من ذلك ؟ و هل يصلح أن يكون للأمة المحمدية إمامان متفقان أو مختلفان ؟
رابعا : أن النبي لا يبايع غير النبي ، بل غير النبي هو الذي يبايع النبي ، فكيف يبايع الناس المهدي المعهود ـ و هو غير نبي بحسب التقليديين ـ و يتركون المسيح الموعود ـ و هو نبي ـ ؟ فلم يروى في سير الأنبياء عليهم السلام مثل هذه البدعة الإعتقادية ، بل إن الأنبياء عليهم السلام هم الذين يأخذون البيعة من أهل زمانهم بما فيهم صلحاءهم . و أما اتباع موسى للخضر عليهما السلام ؛ فهو بأمر الله تعالى ، ثم إن موسى عليه السلام لم يبايع الخضر . و على فرض أن سبب بيعة المسلمين المزعومة للإمام المهدي عليه السلام لأفضلية جزئية أو كلية له ـ عليه السلام ـ على المسيح الناصري عليه السلام وفقا للفهم التقليدي الذي يصدح به بعض المشايخ . فإن للخضر عليه السلام أفضلية جزئية على موسى عليه السلام ، و مع ذلك فإن الله تعالى لم يأمر الناس و موسى عليه السلام ببيعة الخضر . أما بالنسبة للأفضلية الكلية ، فهذه بدعة إعتقادية أخرى ؛ إذ لا يمكن أن يكون غير النبي أفضل من النبي ، لأن الله تعالى لا يختار الرسل الأنبياء إلا بالإصطفاء منه ـ عز و جل ـ لرجل هو أفضل أهل ذلك الزمان و المكان ؛ بدليل قوله تعالى : { اللَّهُ يَصْطَفِى مِنَ الْمَلٰٓئِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌۢ بَصِيرٌ } [ سورة الحج : 75 ] .
خامسا : أن المسيح الناصري عليه السلام رسول إلى بني إسرائيل لا إلى الأمة المحمدية ؛ بدليل قوله تعالى : { وَرَسُولًا إِلٰى بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ ... } [ سورة آل عمران : 49 ] . فالنبي صلى الله عليه و سلم هو الوحيد المبعوث للعالمين ؛ بدليل قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعٰلَمِينَ }
[ سورة الأنبياء : 107 ] . و إن هذه فضيلة خاصة بالنبي صلى الله عليه و سلم ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ : ... وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ " صحيح مسلم |كِتَابٌ : الْمَسَاجِدُ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ . فلو أن المسيح الناصري عليه السلام يبعث بعثة ثانية بعده ـ صلى الله عليه و سلم ـ إلى العالمين ، لما اعتبر النبي صلى الله عليه و سلم ـ بعثته إلى العالمين فضيلة خاصة به من دون الأنبياء عليهم السلام الذين سبقوه بالبعثة .
سادسا : لا دليل على أن المسيح الناصري عليه السلام هو الإمام المهدي عليه السلام أو العكس ، لأن ما تدل عليه الأحاديث النبوية المشرفة هو أن الإمام المهدي عليه السلام من الأمة المحمدية ، و هو من أهل بيت النبي صلى الله عليه و سلم و من آله . بل إن الأحاديث النبوية المشرفة فرقت بوضوح بين الإمام المهدي المعهود و المسيح الناصري عليهما السلام من حيث النسب و الهيئة كما سنتناول في منشورات لاحقة بإذن الله تعالى .
؛ فإذا ثبت أن المسيح الناصري عليه السلام قد توفى وفاة الموت لا النوم ، و أن المتوفى لا يعود إلى الحياة الدنيا ، و أنه فارق قومه بالموت لا بالرفع إلى السماء الدنيا بجسده المادي ، و أنه لا يجوز للناس أن يبايعوا غير النبي و يتركوا النبي ، و أن المسيح الناصري عليه السلام مبعوث إلى بني إسرائيل لا إلى الأمة المحمدية أو العالمين ؛ فقد ثبت بأن الإمام المهدي ليس هو المسيح الناصري عليه السلام ، و أن الإمام المهدي عليه السلام هو المسيح عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام . أي أن المقصود بنـزول المسيح في أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم هو مجيء شخص شبيه به في هذه الأمة المرحومة ، و هو الإمام المهدي عليه السلام نفسه كما سنبين في المنشورات القادمة بإذن الله تعالى .
و الله تعالى أعلم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
............. يتبع بإذن الله تعالى ................
تعليقات
إرسال تعليق