الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية الشريفة ، عن الأحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الخرق الإسلامية المنحرفة .
سلسلة : " " الأحمدية " ؛ هي : " الإسلام الحقيقي " " 41 :
الموضوع :
المهدي المعهود و المسيح الموعود وصفان لرجل واحد ـ الجزء الثاني ـ .
ثانيا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، قَالَ : " يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا ، وَ حَكَمًا عَدْلًا ، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَ يَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَ تُوضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَ تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا " مسند أحمد | مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . إذًا ، يوشك من عاش من المسلمين أن يلقى " عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا ، وَ حَكَمًا عَدْلًا " ؛ أي أن المسيح عيسى ابن مريم الموعود و الإمام المهدي المعهود وصفان و لقبان لشخص واحد يحمل في شخصه صفة " المسيحية " و " المهدية " .
ثالثا : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ : " لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً ، وَ لَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَارًا ، وَ لَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا ، وَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ ، وَ لَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " سنن ابن ماجه | كِتَابُ الْفِتَنِ | بابٌ : شِدَّةُ الزَّمَانِ .
هذا الحديث النبوي الشريف قوي صحيح ؛ فقد قبله علماء السلف و استدلوا به في كتبهم . و إن من رواته " مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ " ، قال عنه أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ : "معروف صدوق" ؛ فلا يضره من جهله و طعن في صدقه . بل قال عنه " يحي بن معين " : " ثقة " . و يكفي أن تلميذه " مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ " قد روى عنه هذا الحديث النبوي الشريف ؛ فهل يقبل العقل أن يروي التلميذ عن أستاذه المجهول ؟ أما عنعنة الحسن البصري فلا تضر هنا ؛ لأنه من الثابت أن الحسن البصري رحمه الله تعالى قد سمع من أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه و رضي عنه ؛ كما يتبين من حديث رواه البخاري رحمه الله تعالى : ( انظر : صحيح البخاري ، كتاب المناقب ، باب علامات النبوَّة في الإسلام ) . و أما الإختلاف في سنده فلم يأتي عليه التقليدي بدليل ، ولو صحّ ما ضره ، طالما أن هذا السند صحيح أيضا . لذا فليس في السند أية علَّة كما تبين مما سبق .
لقد رفض البعض هذا الحديث النبوي الشريف مع قبول سنده أو عدم الإعتراض عليه ؛ فقد أعلّه مَتْنًا ، أي أن اجتهاده أدّى به إلى اعتبار هذا المتن يخالف ما هو معروف لديه بأن المهدي المعهود و المسيح الموعود شخصيتان مختلفتان ، فردَّ الحديثَ بهذا الاجتهاد . و كما هو معلوم عند أهل العلم أن الأحاديث النبوية المشرفة لا تُرَدُّ بالإجتهاد . و أما الزعم بأن هذا الحديث النبوي الشريف يعارض أحاديث نبوية شريفة أخرى تقول بأن المهدي المعهود و المسيح الموعود شخصيتان مختلفتان ، فهذا زعم باطل ، و العكس هو الصحيح .
إن من أبرز ما يستدل به التقليدي على كونهما شخصيتان مختلفتان هو حديث شريف أشار من خلاله النبي صلى الله عليه و سلم أن الإمام المهدي عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام من الأمة المحمدية و على دين الإسلام و الشريعة المحمدية ، و هو : عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " . قَالَ : " فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ : تَعَالَ صَلِّ لَنَا ، فَيَقُولُ : لَا ، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ ، تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْإِيمَانُ | بَابٌ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ . فهذا الحديث النبوي الشريف يرمز إلى أن الإمام المهدي عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام لن يصلي صلاة جديدة ، بل إنه يصلي كما صلى أمير الطائفة المنصورة ، أي أنه لن يحدث شريعة جديدة ، بل سيكون تابعًا لشريعة النبي صلى الله عليه و سلم و مقتديا بأمير الطائفة المنصورة ، و لن ينسخ منها حكما واحدا . و في الحديث إشارة إلى ترقي الإمام المهدي من مقام " المهدية " إلى مقام " المسيحية " ، و الذي هو مقامه الأصيل .
رابعا : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : " كَيْفَ بِكُمْ إِذَا نَزَلَ بِكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّكُمْ ؟ - أَوْ قَالَ : إِمَامُكُمْ - مِنْكُمْ " مسند أحمد | مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . فقوله صلى الله عليه و سلم : " بِكُمُ " ؛ معناه : " فِيكُمُ " ؛ لما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ : " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ ، فَأَمَّكُمْ مِنْكُمْ ؟ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْإِيمَانُ | بَابٌ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ .
و إن قوله صلى الله عليه و سلم : " وَ إِمَامُكُمْ مِنْكُمْ " ؛ تعني أنه : " من أمتكم لا من أمة أخرى " . فهو من أمة النبي صلى الله عليه و سلم إتباعا لحكمه بكتاب الله تعالى و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم . و إن هذا الإمام الذي ينزل في المسلمين و يكون إمامهم منهم ؛ هو الإمام المهدي الحكم العدل عليه السلام ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا " صحيح البخاري | كِتَابٌ : أَحَادِيثُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ | بَابٌ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ . ف : " ابْنُ مَرْيَمَ " اسم أطلق على شخص شبيه بـه ، و يسمى هذا في اللغة العربية بالإستعارة التصريحية ، حيث صُرِّح بالمشبه به ـ المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ـ و حُذِف المشبه ـ الإمام المهدي عليه السلام ـ . و يكفي أن الإمام البخاري رحمه الله تعالىقد حكم بأن الإمام المهدي الذي من أهم صفاته بأنه " حَكَمًا عَدْلًا " إنما هو " ابْنُ مَرْيَمَ " الموعود نزوله للمسلمين ، و ذلك بالنظر إلى تسميته للباب .
لقد إستدل الإمام المهدي و المسيح المحمدي عليه السلام بذلك على صحة إدعائه و دعواه ؛ قائلا : " مِن البراهين الدالة على أن المسيح الموعود به للأمة المحمدية سيكون فردا من هذه الأمة نفسها ، حديثٌ ورد في البخاري و مسلم و هو : " إمامُكم منكم " و " أَمّكم منكم " ، و معناه أنه سيكون إمامكم و سيكون منكم . و بما أن هذا الحديث يتكلم عن عيسى الآتي ، وبما أنه قد وردت في هذا الحديث نفسه قبل هذه الجملة " حَكَم " و " عَدْل " وصفًا لعيسى ، لذا فإن كلمة " الإمام " أيضًا قد جاءت وصفًا لعيسى نفسه . و لا شك أن الخطاب في كلمة " منكم " موجه إلى الصحابة رضي الله عنهم ، و من الواضح أنه لم يدعِ أحد منهم أنه المسيح الموعود ، فثبت أن كلمة " منكم " تتحدث عن شخص هو من الصحابة عند الله تعالى ، و هو نفس الشخص الذي اعتُبر من الصحابة في الآية التالية : وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ . إذ توضح هذه الآية أن هذا الشخص قد رُبِّيَ بروحانية النبي الكريم صلى الله عليه و سلم ، فهو من الصحابة طِبق هذا المعنى . و هذه الآية قد شرحها حديث يقول : " لَو كَانَ الإِيمَانُ معلقا بالثرَيا لَنَالَهُ رَجُلٌ مِنْ فارس " ، و بما أن هذا الرجل الفارسي قد وُصِف بصفة قد خُص بها المسيح والمهدي – أعني أنه سيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وخلت من الإيمان والتوحيد – فثبت أن هذا الرجل الفارسي هو المهدي و المسيح الموعود ، و هو أنا " كتاب " التحفة الغلورية " .
خامسا : إن القول بأن النبي صلى الله عليه و سلم قد ألقى على الإمام المهدي المعهود صفة ولقب " المسيح عيسى ابن مريم " إستعارة ليس ببدعة لغويا و لا غريبا عن أسلوب النبي صلى الله عليه و سلم في الكلام . فمن حيث اللغة ؛ فيجوز إطلاق اسم الشيء على ما يشابـهه بأكثر خواصه و صفاتـه . و من حيث الأسلوب ؛ يكفي أن النبي صلى الله عليه و سلم قد قال لبعض زوجاته : " إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ " صحيح البخاري | كِتَابُ الْأَذَانِ | بَابٌ : الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ . فإذا أطلق النبي صلى الله عليه و سلم على بعض زوجاته " صَوَاحِبُ يُوسُفَ " لتشابه من باب واحد ؛ فما المانع من أن يطلق على " الإمام المهدي " لقب " المسيح عيسى ابن مريم " لتشابههما من عدة أبواب ؟
سادسا : أن لون جسم المسيح عيسى ابن مريم الناصري عليه السلام عندما رآه النبي صلى الله عليه و سلم ليلة المعراج يختلف عن لون جسم المسيح عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام ـ أي : الإمام المهدي عليه السلام ـ عندما رآه ينزل في آخر الزمان . فأما بالنسبة للمسيح الموسوي الناصري عليه السلام ؛ فهو : " رَأَيْتُ عِيسَى وَ مُوسَى وَ إِبْرَاهِيمَ ، فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ ، وَ أَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ " صحيح البخاري | كِتَابٌ : أَحَادِيثُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ | بَابُ قَوْلِ اللَّهِ : وَ اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ . و أما بالنسبة للإمام المهدي عيسى ابن مريم المحمدي عليه السلام ؛ فهو : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ ، رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : ابْنُ مَرْيَمَ " صحيح البخاري | كِتَابُ التَّعْبِيرِ | بَابُ الطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ .
إذن ؛ المسيح عيسى ابن مريم الموسوي ـ الناصري ـ عليه السلام ليس هو المسيح عيسى ابن مريم المحمدي ـ المهدي ـ عليه السلام ، و المسيح عيسى ابن مريم المحمدي هو الإمام المهدي .
و عليه ؛ فبما أن من عاش من المسلمين سيلقى " عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا ، وَ حَكَمًا عَدْلًا " ، و بما أن : " لَا الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " ، و بما أن المسيح عيسى ابن مريم " إِمَامُكُمْ - مِنْكُمْ " ، و بما أن النبي صلى الله عليه و سلم قد سمى الإمام المهدي عليه السلام بالمسيح عيسى ابن مريم عليه السلام لتشابههما ، و بما أن حالة شعر و لون جسم المسيحين الموسوي ـ الناصري ـ و المحمدي ـ المهدي ـ عليهما السلام ؛ فإن المسيح عيسى ابن الناصري يختلف عن المسيح عيسى ابن مريم المحمدي عليهما السلام ، و إن المسيح عيسى ابن المحمدي عليه السلام هو الإمام المهدي عليه السلام ، أي أن " المسيح " و " المهدي " وصفان لرجل واحد .
تعليقات
إرسال تعليق