الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن، عن دعوة الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام، عن القرآن الكريم، عن السنة النبوية الشريفة، عن أحاديث النبوية الشريفة، عن السلف الصالح. سلسلة : ""الأحمدية"؛ هي : "الإسلام الأصيل"" 43 : الموضوع: "مواصفات المبعوث الإلهي، وبيان مدى إنطباقها على الميرزا غلام أحمد القادياني". لقد وضع الله تعالى مواصفات للمبعوث الإلهي؛ مثل: * أولا: "لديه العلم والمعرفة اللدنية": إن علوم المبعوث الإلهي؛ تنقسم إلى قسمين: - اولا: علم إكتسبه بالعقل والتجربة والخبرة: وذلك مثل ذلك الذي ناله المسيح الناصري عليه السلام من اليهود، وقد لا يتوفر هذا العلم في بعض الأنبياء عليهم السلام؛ كصفة كمال لهم. - ثانيا: علم حازه من الله تعالى: وهو الذي يميزه عن باقي العلماء، وهو عين الحكمة. مثل علوم النبي صلى الله عليه وسلم والإمام المهدي الميرزا غلام احمد القادياني عليه السلام. فهو لم ينل أي علم
الجماعة الإسلامية الأحمدية : جماعة الدفاع : عن الإسلام عموما ، عن خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم ، عن الصحابة الكرام و أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن و أرضاهن ، عن دعوة الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام ، عن القرآن الكريم ، عن السنة النبوية الشريفة ، عن أحاديث النبوية الشريفة ، عن السلف الصالح ، ضد الإلحاد و الأديان الشركية و الفرق الإسلامية المنحرفة .
سلسلة : " " الأحمدية " ؛ هي : " الإسلام الحقيقي " " 84 :
الموضوع :
لقد ورد في الكتاب المقدس عن يأجوج ومأجوج ؛ ما يلي :
" يَاابْنَ آدَمَ ، الْتَفِتْ بِوَجْهِكَ نَحْوَ جُوجٍ و مَاجُوجَ وَ تَنَبَّأْ عَلَيْهِ ، وَ قُلْ ، هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ : هَا أَنَا أَنْقَلِبُ عَلَيْكَ يَاجُوجُ وَ أَقْهَرُكَ وَ أَضَعُ شَكَائِمَ فِي فَكَّيْكَ ، وَ أَطْرُدُكَ أَنْتَ وَ كُلَّ جَيْشِكَ خَيْلاً وَ فُرْسَاناً وَ جَمِيعَهُمْ مُرْتَدُونَ أَفْخَرَ ثِيَابٍ ، جُمْهُوراً غَفِيراً كُلَّهُمْ حَمَلَةَ أَتْرَاسٍ وَ مَجَانَّ مِنْ كُلِّ قَابِضِ سَيْفٍ مَعَ كُلِّ جَيْشِهِ جَمِيعُهُمْ جُيُوشٌ غَفِيرَةٌ اجْتَمَعَتْ إِلَيْكَ . تَأَهَّبْ وَ اسْتَعِدَّ أَنْتَ وَ جَمِيعُ الْجُيُوشِ الْمُنْضَمَّةِ إِلَيْكَ ، لأَنَّكَ أَصْبَحْتَ لَهُمْ قَائِداً ، إِذْ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ تُسْتَدْعَى لِلْقِتَالِ ، فَتُقْبِلُ فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ إِلَى الأَرْضِ النَّاجِيَةِ مِنَ السَّيْفِ الَّتِي تَمَّ جَمْعُ أَهْلِهَا مِنْ بَيْنِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ ، فَأَقَامُوا مُطْمَئِنِّينَ الَّذِينَ لُمَّ شَتَاتُهُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ ، فَتَأْتِي مُنْدَفِعاً كَزَوْبَعَةٍ ، وَ تَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَ جُيُوشُكَ وَ كُلُّ مَنْ مَعَكَ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ " .
أقول :
يتبين من هذا المقتبس أن جمع اليهود يكون في آخر الزمان ؛ لما ورد : " فَتُقْبِلُ فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ إِلَى الأَرْضِ النَّاجِيَةِ مِنَ السَّيْفِ الَّتِي تَمَّ جَمْعُ أَهْلِهَا مِنْ بَيْنِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ " . و لقد جعلت التوراة علاقة بين هذا الحدث و أمم يأجوج و مأجوج . و السؤال المطروح ؛ هو : من هم أمم يأجوج و مأجوج الذين جعل الله تعالى من علامات خروجهم بل و هلاكهم قيام ما يسمى ؛ ب : " دولة إسرائيل " ؟
لا شك أن هناك طرقا عديدة لمعرفة حقيقة هذه الأقوام ، و التي من بينها :
* أولا : أعمالها التي تقوم بها في آخر الزمان : لقد ورد في الكتاب المقدس عن أعمالها الوحشية ؛ ما يلي : " وَ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَفْكَارَ سُوءٍ تُرَاوِدُكَ فَتَقُولُ : أَزْحَفُ عَلَى أَرْضٍ عَرَاءٍ مَكْشُوفَةٍ وَ أُهَاجِمُ الْمُطْمَئِنِّينَ السَّاكِنِينَ فِي أَمْنٍ ، الْمُقِيمِينَ كُلَّهُمْ مِنْ غَيْرِ سُورٍ يَقِيهِمْ ، وَ لَيْسَ لَدَيْهِمْ مَزَالِيجُ وَ لاَ مَصَارِيعُ ، لِلاِسْتِيلاَءِ عَلَى الأَسْلاَبِ وَ نَهْبِ الْغَنَائِمِ وَ مُهَاجَمَةِ الْخَرَائِبِ الَّتِي أَصْبَحَتْ آهِلَةً ، وَ لِمُحَارَبَةِ الشَّعْبِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ ، الْمُقْتَنِي مَاشِيَةً وَ أَمْلاَكاً ، الْمُسْتَوْطِنِ فِي مَرْكَزِ الأَرْضِ . وَ يَسْأَلُكَ أَهْلُ شَبَا وَ رُودُسَ وَ تُجَّارُ تَرْشِيشَ وَ كُلُّ قُرَاهَا ؛ أَقَادِمٌ أَنْتَ لِلاِسْتِيلاَءِ عَلَى الأَسْلاَبِ ؟ هَلْ حَشَدْتَ جُيُوشَكَ لِنَهْبِ الْغَنَائِمِ وَ لِحَمْلِ الْفِضَّةِ وَ الذَّهَبِ وَ أَخْذِ الْمَاشِيَةِ وَ الْمُقْتَنَيَاتِ وَ لِلسَّلْبِ الْعَظِيمِ ؟ " .
إن ما ورد في التوراة من أعمالهم الوحشية ؛ مثل : " لِلاِسْتِيلاَءِ عَلَى الأَسْلاَبِ وَ نَهْبِ الْغَنَائِمِ وَ مُهَاجَمَةِ الْخَرَائِبِ الَّتِي أَصْبَحَتْ آهِلَةً " لدليلا على أن هذه الأمم اليأجوجية و المأجوجية ما هي إلا أمم " المسيح الدجال " ؛ لأنه هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه و سلم : " ثُمَّ يَأْتِي الْخَرِبَةَ فَيَقُولُ لَهَا : أَخْرِجِي كُنُوزَكِ . فَيَنْصَرِفُ مِنْهَا ، فَيَتْبَعُهُ كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ " سنن الترمذي | أَبْوَابُ الْفِتَنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ | بَابٌ : مَا جَاءَ فِي فِتْنَةِ الدَّجَّالِ .
* ثانيا : مقرهم الأصلي : لقد ورد في التوراة : " لِذَلِكَ تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ ، وَ قُلْ لِجُوجٍ هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ : فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَمَا يَسْكُنُ شَعْبِي آمِناً ، أَلاَ تَعْلَمُ ذَلِكَ ؟ وَ تُقْبِلُ أَنْتَ مِنْ مَقَرِّكَ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ جُيُوشٍ غَفِيرَةٍ ، تُغَشِّي الأَرْضَ ؛ كُلُّهُمْ رَاكِبُو خَيْلٍ وَ جَمْعٌ عَظِيمٌ وَ جَيْشٌ كَثِيرٌ . وَ تَزْحَفُ عَلَى شَعْبِي كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ ، أَنِّي فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ آتِي بِكَ إِلَى أَرْضِي لِكَيْ تَعْرِفَنِي الشُّعُوبُ عِنْدَمَا تَتَجَلَّى قَدَاسَتِي حِينَ أُدَمِّرُكَ يَاجُوجُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ " . و الشاهد هنا أن مقر سكنى هذه الأمم ؛ هو : " وَ تُقْبِلُ أَنْتَ مِنْ مَقَرِّكَ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ " .
إن ما ورد في التوراة في وصف إنتشارهم ؛ مثل : " وَ تُقْبِلُ أَنْتَ مِنْ مَقَرِّكَ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ جُيُوشٍ غَفِيرَةٍ ، تُغَشِّي الأَرْضَ ؛ كُلُّهُمْ رَاكِبُو خَيْلٍ وَ جَمْعٌ عَظِيمٌ وَ جَيْشٌ كَثِيرٌ . وَ تَزْحَفُ عَلَى شَعْبِي كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ " و " أَزْحَفُ عَلَى أَرْضٍ عَرَاءٍ مَكْشُوفَةٍ " و " فَتَأْتِي مُنْدَفِعاً كَزَوْبَعَةٍ ، وَ تَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَ جُيُوشُكَ وَ كُلُّ مَنْ مَعَكَ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ " لدليلا آخر على أن هذه الأمم اليأجوجية و المأجوجية ما هي إلا أمم " المسيح الدجال " ؛ لأنه هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه و سلم : " وَ إِنَّهُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا وَطِئَهُ وَ ظَهَرَ عَلَيْهِ ، إِلَّا مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةَ " سنن ابن ماجه | كِتَابُ الْفِتَنِ | بابٌ : فِتْنَةُ الدَّجَالِ .
في الحقيقة ؛ إن الأمم " اليأجوجية و المأجوجية " ؛ هي : أمم " المسيح الدجال " . سموا ؛ ب : " يأجوج و مأجوج " نظرا إلى فتنتهم السياسية و المادية . و سموا ؛ ب : " المسيح الدجال " نظرا إلى فتنتهم الدينية و الفكرية . و بالنظر إلى أعمال هاته الأقوام الوحشية ، و بالنظر إلى مقر سكناهم الأصلي ، و بالنظر إلى فتنهم السياسية و المادية و الدينية و الفكرية ؛ يقطع المرء باليقين أنهم " المعسكر الشرقي و الغربي " . و خصوصا مركزهم : " البراطنة و حلفاءهم المقربين ، و الروس و حلفاءهم المقربين " .
إن وصف الكتاب المقدس ؛ لطريقة إنتشار أمم يأجوج و مأجوج ، و ربط موعد هلاكهم بالوعد الحق المرتبط بدوره بموعد الهلاك الثاني لليهود . لمطابق لقول الله تعالى : " حَتّٰىٓ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ( 96 ) وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شٰخِصَةٌ أَبْصٰرُ الَّذِينَ كَفَرُوا يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هٰذَا بَلْ كُنَّا ظٰلِمِينَ ( 97 ) " [ سورة الأنبياء : 96 الى 97 ] . و إن من معاني قوله تعالى : " الٓمٓ ( 1 ) غُلِبَتِ الرُّومُ ( 2 ) فِىٓ أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُم مِّنۢ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ( 3 ) فِى بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَ مِنۢ بَعْدُ ۚ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ( 4 ) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ ۖ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 5 ) وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُۥ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( 6 ) " [ سورة الروم : 1 الى 6 ] . لإشارة أخرى إلى هلاكهم في آخر الزمان . عندئذ ؛ يفرح المؤمنون بنصر الله عز وجل ، لأنه بعد ذلك سيتحقق نبأ الكتاب المقدس : " أَنِّي فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ آتِي بِكَ إِلَى أَرْضِي لِكَيْ تَعْرِفَنِي الشُّعُوبُ عِنْدَمَا تَتَجَلَّى قَدَاسَتِي حِينَ أُدَمِّرُكَ يَاجُوجُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ ". و لم لا يفرح المسلمون و قد كف أيدي هؤلاء الأقوام عنهم بعد أن يتقاتلا فيما بينهما ؛ لما ورد : " وَ تَنَبَّأْ أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ عَلَى جُوجٍ وَ قُلْ : هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ : هَا أَنَا أَنْقَلِبُ عَلَيْكَ فَأُحَوِّلُ طَرِيقَكَ وَ أَقُودُكَ وَ أُحْضِرُكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ وَ آتِي بِكَ وَ أُحَطِّمُ قَوْسَكَ فِي يَدِكَ الْيُسْرَى ، وَ أُسْقِطُ سِهَامَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُمْنَى . فَتَتَهَاوَى أَنْتَ وَ جَمِيعُ جُيُوشِكَ وَ سَائِرُ حُلَفَائِكَ الَّذِينَ مَعَكَ ، وَ أَجْعَلُكَ قُوتاً لِكُلِّ أَصْنَافِ الطُّيُورِ الْجَارِحَةِ وَ لِوُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ فَتُصْرَعُ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ ، لأَنِّي قَضَيْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ ، وَ أَصُبُّ نَاراً عَلَى مَاجُوجَ وَ عَلَى حُلَفَائِهِ السَّاكِنِينَ بِأَمَانٍ فِي الأَرْضِ السَّاحِلِيَّةِ ، فَيُدْرِكُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ " . فقوله : " وَ أُحَطِّمُ قَوْسَكَ فِي يَدِكَ الْيُسْرَى ، وَ أُسْقِطُ سِهَامَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُمْنَى " ؛ كناية عن تحطم أسلحتهم و توجههم سريعا إلى الهلاك و إصابتهم بالوهن " . و إن من معاني : " الطُّيُورِ الْجَارِحَةِ وَ لِوُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ " ؛ تلك الأسلحة الحديثة مثل الطائرات الحربية و المركبات القتالية البرية .
في ذلك اليوم ، سيعرف الخلق الإله الحقيقي عبر الجماعة الإسلامية الأحمدية ، و يعرف الناس تحقق أنباء الله تعالى بهلاك هؤلاء الأمم ، و يتجلى الله عز و جل على العالم فيشهدون دينونته ؛ لما ورد : " وَ أُعَرِّفُ اسْمِي الْقُدُّوسَ بَيْنَ شَعْبِي ، وَ لاَ أَعُودُ أَدَعُهُ يَتَدَنَّسُ فَتُدْرِكُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ . هَا إِنَّ الأَمْرَ قَدْ وَقَعَ وَ تَمَّ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَخْبَرْتُ بِهِ ... وَ أَجْعَلُ مَجْدِي يَتَجَلَّى بَيْنَ الأُمَمِ فَتَشْهَدُ دَيْنُونَتِي الَّتِي أَنْزَلْتُهَا بِهِمْ ، وَ قُدْرَةَ يَدِي الَّتِي مَدَدْتُهَا عَلَيْهِمْ ، فَيُدْرِكُ شَعْي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِداً " " حزقيال " . نعم ؛ ستتحقق أنباء الله تعالى على ألسنة الأنبياء عليهم السلام ؛ لما ورد : " أَلَسْتَ أَنْتَ الَّذِي تَحَدَّثْتُ عَنْهُ فِي الأَيَّامِ الْغَابِرَةِ عَلَى أَلْسِنَةِ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ بِأَنِّي سَآتِي بِكَ عَلَيْهِمْ " .
لقد بين الله تعالى أنه لا يدان لأحد بقتال أقوام يأجوج و مأجوج ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى : إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي ، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : ذِكْرُ الدَّجَّالِ . كما بين ـ عز و جل ـ أن طريقة مواجهتهم تكمن في : " فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : ذِكْرُ الدَّجَّالِ . و إن من معاني هذه الجملة : هي إلتزامه و جماعته الدعاء في صدهم لفتنتهم . و لذلك بين النبي صلى الله عليه و سلم أن المسيح المحمدي عليه السلام سيقضي على أقوام يأجوج و مأجوج بنفسه ـ أي : دعائه - ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا عِيسَى ، إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ ، وَ أَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ . وَ يَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ ، وَ هُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ : { مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } ... وَ يَحْضُرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ ... " فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ " ... " فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ " " . و إن من معاني : فيرغب " ؛ أي : فيدعوا .
إن من معاني الرغبة : " الشوق " أو " الطلب و السؤال " . و أما الرغبة في الدعاء ؛ فهي حالة خاصة يتخذها الداعي لإظهار طلبه من الله تعالى و شدة حاجته إليه . فالمسيح المحمدي عليه السلام لا يدعوا فقط ، بل يرغب أيضا .
لقد بينا قبل قليل أن أمم يأجوج و مأجوج ؛ هي : أمم " المسيح الدجال " . و إن من أدلة ذلك ، أن أحد طرق قضاء المسيح المحمدي على المسيح الدجال هي نفس طريقة قضائه ـ عليه السلام ـ على أمم يأجوج و مأجوج ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ ، وَ نَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : ذِكْرُ الدَّجَّالِ . هكذا قد قضى الله تعالى أن يدعوا المسيح المحمدي عليه السلام و جماعته المباركة ، و أن يحقق ـ عز و جل ـ بنفيه دعاءهم خاصة بعد أن سلب القوة من المسلمين ليعلم الخلق أن إنتشار الإسلام من أول يوم كان بالقوة القدسية لأهله لا بالسيف الحديدي . و ذلك حتى يثبت وجوده و يتجلى على المؤمنين ؛ لما ورد : " فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَمَا يَزْحَفُ جُوجُ عَلَى أَرْضِي يَحْتَدِمُ غَضَبِي فِي وَجْهِي ، و فِي خِضَمِّ غَيْرَتِي وَ اتِّقَادِ سَخَطِي أَقُولُ إِنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ . تَحْدُثُ هَزَّةٌ عَظِيمَةٌ فَيَرْتَعِشُ مِنْ حَضْرَتِي سَمَكُ الْبَحْرِ وَ طُيُورُ السَّمَاءِ وَ وُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ وَ جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ الدَّابَّةِ عَلَى الأَرْضِ ، وَ كُلُّ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الْمَسْكُونَةِ ، وَ تَنْدَكُّ الْجِبَالُ وَ تَسْقُطُ الْمَعَاقِلُ وَ تَنْهَارُ كُلُّ الأَسْوَارِ إِلَى الأَرْضِ . وَ أُسَلِّطُ عَلَيْهِ السَّيْفَ وَ أَدِينُهُ بِالْوَبَاءِ وَ بِالدَّمِ ، وَ أُمْطِرُ عَلَيْهِ وَ عَلَى جُيُوشِهِ وَ عَلَى جُمُوعِ حُلَفَائِهِ الْغَفِيرَةِ مَطَراً جَارِفاً وَ بَرَداً عَظِيماً وَ نَاراً وَ كِبْرِيتاً ، فَأُعَظِّمُ نَفْسِي وَ أَقَدِّسُهَا ، وَ أُعْلِنُ ذَاتِي عَلَى مَرْأَى مِنْ كُلِّ الأُمَمِ ، فَيُدْرِكُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ " " حزقيال " .
و الله تعالى أعلم .
سلسلة : " " الأحمدية " ؛ هي : " الإسلام الحقيقي " " 84 :
الموضوع :
أقوام " يأجوج و مأجوج " ، هم : أمم " المسيح الدجال " . و نبوءة هلاكم في " الكتاب المقدس " .
لقد ورد في الكتاب المقدس عن يأجوج ومأجوج ؛ ما يلي :
" يَاابْنَ آدَمَ ، الْتَفِتْ بِوَجْهِكَ نَحْوَ جُوجٍ و مَاجُوجَ وَ تَنَبَّأْ عَلَيْهِ ، وَ قُلْ ، هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ : هَا أَنَا أَنْقَلِبُ عَلَيْكَ يَاجُوجُ وَ أَقْهَرُكَ وَ أَضَعُ شَكَائِمَ فِي فَكَّيْكَ ، وَ أَطْرُدُكَ أَنْتَ وَ كُلَّ جَيْشِكَ خَيْلاً وَ فُرْسَاناً وَ جَمِيعَهُمْ مُرْتَدُونَ أَفْخَرَ ثِيَابٍ ، جُمْهُوراً غَفِيراً كُلَّهُمْ حَمَلَةَ أَتْرَاسٍ وَ مَجَانَّ مِنْ كُلِّ قَابِضِ سَيْفٍ مَعَ كُلِّ جَيْشِهِ جَمِيعُهُمْ جُيُوشٌ غَفِيرَةٌ اجْتَمَعَتْ إِلَيْكَ . تَأَهَّبْ وَ اسْتَعِدَّ أَنْتَ وَ جَمِيعُ الْجُيُوشِ الْمُنْضَمَّةِ إِلَيْكَ ، لأَنَّكَ أَصْبَحْتَ لَهُمْ قَائِداً ، إِذْ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ تُسْتَدْعَى لِلْقِتَالِ ، فَتُقْبِلُ فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ إِلَى الأَرْضِ النَّاجِيَةِ مِنَ السَّيْفِ الَّتِي تَمَّ جَمْعُ أَهْلِهَا مِنْ بَيْنِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ ، فَأَقَامُوا مُطْمَئِنِّينَ الَّذِينَ لُمَّ شَتَاتُهُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ ، فَتَأْتِي مُنْدَفِعاً كَزَوْبَعَةٍ ، وَ تَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَ جُيُوشُكَ وَ كُلُّ مَنْ مَعَكَ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ " .
أقول :
يتبين من هذا المقتبس أن جمع اليهود يكون في آخر الزمان ؛ لما ورد : " فَتُقْبِلُ فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ إِلَى الأَرْضِ النَّاجِيَةِ مِنَ السَّيْفِ الَّتِي تَمَّ جَمْعُ أَهْلِهَا مِنْ بَيْنِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ " . و لقد جعلت التوراة علاقة بين هذا الحدث و أمم يأجوج و مأجوج . و السؤال المطروح ؛ هو : من هم أمم يأجوج و مأجوج الذين جعل الله تعالى من علامات خروجهم بل و هلاكهم قيام ما يسمى ؛ ب : " دولة إسرائيل " ؟
لا شك أن هناك طرقا عديدة لمعرفة حقيقة هذه الأقوام ، و التي من بينها :
* أولا : أعمالها التي تقوم بها في آخر الزمان : لقد ورد في الكتاب المقدس عن أعمالها الوحشية ؛ ما يلي : " وَ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَفْكَارَ سُوءٍ تُرَاوِدُكَ فَتَقُولُ : أَزْحَفُ عَلَى أَرْضٍ عَرَاءٍ مَكْشُوفَةٍ وَ أُهَاجِمُ الْمُطْمَئِنِّينَ السَّاكِنِينَ فِي أَمْنٍ ، الْمُقِيمِينَ كُلَّهُمْ مِنْ غَيْرِ سُورٍ يَقِيهِمْ ، وَ لَيْسَ لَدَيْهِمْ مَزَالِيجُ وَ لاَ مَصَارِيعُ ، لِلاِسْتِيلاَءِ عَلَى الأَسْلاَبِ وَ نَهْبِ الْغَنَائِمِ وَ مُهَاجَمَةِ الْخَرَائِبِ الَّتِي أَصْبَحَتْ آهِلَةً ، وَ لِمُحَارَبَةِ الشَّعْبِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ ، الْمُقْتَنِي مَاشِيَةً وَ أَمْلاَكاً ، الْمُسْتَوْطِنِ فِي مَرْكَزِ الأَرْضِ . وَ يَسْأَلُكَ أَهْلُ شَبَا وَ رُودُسَ وَ تُجَّارُ تَرْشِيشَ وَ كُلُّ قُرَاهَا ؛ أَقَادِمٌ أَنْتَ لِلاِسْتِيلاَءِ عَلَى الأَسْلاَبِ ؟ هَلْ حَشَدْتَ جُيُوشَكَ لِنَهْبِ الْغَنَائِمِ وَ لِحَمْلِ الْفِضَّةِ وَ الذَّهَبِ وَ أَخْذِ الْمَاشِيَةِ وَ الْمُقْتَنَيَاتِ وَ لِلسَّلْبِ الْعَظِيمِ ؟ " .
إن ما ورد في التوراة من أعمالهم الوحشية ؛ مثل : " لِلاِسْتِيلاَءِ عَلَى الأَسْلاَبِ وَ نَهْبِ الْغَنَائِمِ وَ مُهَاجَمَةِ الْخَرَائِبِ الَّتِي أَصْبَحَتْ آهِلَةً " لدليلا على أن هذه الأمم اليأجوجية و المأجوجية ما هي إلا أمم " المسيح الدجال " ؛ لأنه هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه و سلم : " ثُمَّ يَأْتِي الْخَرِبَةَ فَيَقُولُ لَهَا : أَخْرِجِي كُنُوزَكِ . فَيَنْصَرِفُ مِنْهَا ، فَيَتْبَعُهُ كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ " سنن الترمذي | أَبْوَابُ الْفِتَنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ | بَابٌ : مَا جَاءَ فِي فِتْنَةِ الدَّجَّالِ .
* ثانيا : مقرهم الأصلي : لقد ورد في التوراة : " لِذَلِكَ تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ ، وَ قُلْ لِجُوجٍ هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ : فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَمَا يَسْكُنُ شَعْبِي آمِناً ، أَلاَ تَعْلَمُ ذَلِكَ ؟ وَ تُقْبِلُ أَنْتَ مِنْ مَقَرِّكَ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ جُيُوشٍ غَفِيرَةٍ ، تُغَشِّي الأَرْضَ ؛ كُلُّهُمْ رَاكِبُو خَيْلٍ وَ جَمْعٌ عَظِيمٌ وَ جَيْشٌ كَثِيرٌ . وَ تَزْحَفُ عَلَى شَعْبِي كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ ، أَنِّي فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ آتِي بِكَ إِلَى أَرْضِي لِكَيْ تَعْرِفَنِي الشُّعُوبُ عِنْدَمَا تَتَجَلَّى قَدَاسَتِي حِينَ أُدَمِّرُكَ يَاجُوجُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ " . و الشاهد هنا أن مقر سكنى هذه الأمم ؛ هو : " وَ تُقْبِلُ أَنْتَ مِنْ مَقَرِّكَ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ " .
إن ما ورد في التوراة في وصف إنتشارهم ؛ مثل : " وَ تُقْبِلُ أَنْتَ مِنْ مَقَرِّكَ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ جُيُوشٍ غَفِيرَةٍ ، تُغَشِّي الأَرْضَ ؛ كُلُّهُمْ رَاكِبُو خَيْلٍ وَ جَمْعٌ عَظِيمٌ وَ جَيْشٌ كَثِيرٌ . وَ تَزْحَفُ عَلَى شَعْبِي كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ " و " أَزْحَفُ عَلَى أَرْضٍ عَرَاءٍ مَكْشُوفَةٍ " و " فَتَأْتِي مُنْدَفِعاً كَزَوْبَعَةٍ ، وَ تَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَطِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَ جُيُوشُكَ وَ كُلُّ مَنْ مَعَكَ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ " لدليلا آخر على أن هذه الأمم اليأجوجية و المأجوجية ما هي إلا أمم " المسيح الدجال " ؛ لأنه هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه و سلم : " وَ إِنَّهُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا وَطِئَهُ وَ ظَهَرَ عَلَيْهِ ، إِلَّا مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةَ " سنن ابن ماجه | كِتَابُ الْفِتَنِ | بابٌ : فِتْنَةُ الدَّجَالِ .
في الحقيقة ؛ إن الأمم " اليأجوجية و المأجوجية " ؛ هي : أمم " المسيح الدجال " . سموا ؛ ب : " يأجوج و مأجوج " نظرا إلى فتنتهم السياسية و المادية . و سموا ؛ ب : " المسيح الدجال " نظرا إلى فتنتهم الدينية و الفكرية . و بالنظر إلى أعمال هاته الأقوام الوحشية ، و بالنظر إلى مقر سكناهم الأصلي ، و بالنظر إلى فتنهم السياسية و المادية و الدينية و الفكرية ؛ يقطع المرء باليقين أنهم " المعسكر الشرقي و الغربي " . و خصوصا مركزهم : " البراطنة و حلفاءهم المقربين ، و الروس و حلفاءهم المقربين " .
إن وصف الكتاب المقدس ؛ لطريقة إنتشار أمم يأجوج و مأجوج ، و ربط موعد هلاكهم بالوعد الحق المرتبط بدوره بموعد الهلاك الثاني لليهود . لمطابق لقول الله تعالى : " حَتّٰىٓ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ( 96 ) وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شٰخِصَةٌ أَبْصٰرُ الَّذِينَ كَفَرُوا يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هٰذَا بَلْ كُنَّا ظٰلِمِينَ ( 97 ) " [ سورة الأنبياء : 96 الى 97 ] . و إن من معاني قوله تعالى : " الٓمٓ ( 1 ) غُلِبَتِ الرُّومُ ( 2 ) فِىٓ أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُم مِّنۢ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ( 3 ) فِى بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَ مِنۢ بَعْدُ ۚ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ( 4 ) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ ۖ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 5 ) وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُۥ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( 6 ) " [ سورة الروم : 1 الى 6 ] . لإشارة أخرى إلى هلاكهم في آخر الزمان . عندئذ ؛ يفرح المؤمنون بنصر الله عز وجل ، لأنه بعد ذلك سيتحقق نبأ الكتاب المقدس : " أَنِّي فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ آتِي بِكَ إِلَى أَرْضِي لِكَيْ تَعْرِفَنِي الشُّعُوبُ عِنْدَمَا تَتَجَلَّى قَدَاسَتِي حِينَ أُدَمِّرُكَ يَاجُوجُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ ". و لم لا يفرح المسلمون و قد كف أيدي هؤلاء الأقوام عنهم بعد أن يتقاتلا فيما بينهما ؛ لما ورد : " وَ تَنَبَّأْ أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ عَلَى جُوجٍ وَ قُلْ : هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ : هَا أَنَا أَنْقَلِبُ عَلَيْكَ فَأُحَوِّلُ طَرِيقَكَ وَ أَقُودُكَ وَ أُحْضِرُكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ وَ آتِي بِكَ وَ أُحَطِّمُ قَوْسَكَ فِي يَدِكَ الْيُسْرَى ، وَ أُسْقِطُ سِهَامَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُمْنَى . فَتَتَهَاوَى أَنْتَ وَ جَمِيعُ جُيُوشِكَ وَ سَائِرُ حُلَفَائِكَ الَّذِينَ مَعَكَ ، وَ أَجْعَلُكَ قُوتاً لِكُلِّ أَصْنَافِ الطُّيُورِ الْجَارِحَةِ وَ لِوُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ فَتُصْرَعُ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ ، لأَنِّي قَضَيْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ ، وَ أَصُبُّ نَاراً عَلَى مَاجُوجَ وَ عَلَى حُلَفَائِهِ السَّاكِنِينَ بِأَمَانٍ فِي الأَرْضِ السَّاحِلِيَّةِ ، فَيُدْرِكُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ " . فقوله : " وَ أُحَطِّمُ قَوْسَكَ فِي يَدِكَ الْيُسْرَى ، وَ أُسْقِطُ سِهَامَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُمْنَى " ؛ كناية عن تحطم أسلحتهم و توجههم سريعا إلى الهلاك و إصابتهم بالوهن " . و إن من معاني : " الطُّيُورِ الْجَارِحَةِ وَ لِوُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ " ؛ تلك الأسلحة الحديثة مثل الطائرات الحربية و المركبات القتالية البرية .
في ذلك اليوم ، سيعرف الخلق الإله الحقيقي عبر الجماعة الإسلامية الأحمدية ، و يعرف الناس تحقق أنباء الله تعالى بهلاك هؤلاء الأمم ، و يتجلى الله عز و جل على العالم فيشهدون دينونته ؛ لما ورد : " وَ أُعَرِّفُ اسْمِي الْقُدُّوسَ بَيْنَ شَعْبِي ، وَ لاَ أَعُودُ أَدَعُهُ يَتَدَنَّسُ فَتُدْرِكُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ . هَا إِنَّ الأَمْرَ قَدْ وَقَعَ وَ تَمَّ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَخْبَرْتُ بِهِ ... وَ أَجْعَلُ مَجْدِي يَتَجَلَّى بَيْنَ الأُمَمِ فَتَشْهَدُ دَيْنُونَتِي الَّتِي أَنْزَلْتُهَا بِهِمْ ، وَ قُدْرَةَ يَدِي الَّتِي مَدَدْتُهَا عَلَيْهِمْ ، فَيُدْرِكُ شَعْي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِداً " " حزقيال " . نعم ؛ ستتحقق أنباء الله تعالى على ألسنة الأنبياء عليهم السلام ؛ لما ورد : " أَلَسْتَ أَنْتَ الَّذِي تَحَدَّثْتُ عَنْهُ فِي الأَيَّامِ الْغَابِرَةِ عَلَى أَلْسِنَةِ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ بِأَنِّي سَآتِي بِكَ عَلَيْهِمْ " .
لقد بين الله تعالى أنه لا يدان لأحد بقتال أقوام يأجوج و مأجوج ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى : إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي ، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : ذِكْرُ الدَّجَّالِ . كما بين ـ عز و جل ـ أن طريقة مواجهتهم تكمن في : " فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : ذِكْرُ الدَّجَّالِ . و إن من معاني هذه الجملة : هي إلتزامه و جماعته الدعاء في صدهم لفتنتهم . و لذلك بين النبي صلى الله عليه و سلم أن المسيح المحمدي عليه السلام سيقضي على أقوام يأجوج و مأجوج بنفسه ـ أي : دعائه - ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا عِيسَى ، إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ ، وَ أَحْرِزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ . وَ يَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ ، وَ هُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ : { مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } ... وَ يَحْضُرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ ... " فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَ أَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ " ... " فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ " " . و إن من معاني : فيرغب " ؛ أي : فيدعوا .
إن من معاني الرغبة : " الشوق " أو " الطلب و السؤال " . و أما الرغبة في الدعاء ؛ فهي حالة خاصة يتخذها الداعي لإظهار طلبه من الله تعالى و شدة حاجته إليه . فالمسيح المحمدي عليه السلام لا يدعوا فقط ، بل يرغب أيضا .
لقد بينا قبل قليل أن أمم يأجوج و مأجوج ؛ هي : أمم " المسيح الدجال " . و إن من أدلة ذلك ، أن أحد طرق قضاء المسيح المحمدي على المسيح الدجال هي نفس طريقة قضائه ـ عليه السلام ـ على أمم يأجوج و مأجوج ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ ، وَ نَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ " صحيح مسلم | كِتَابٌ : الْفِتَنُ ، وَ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ | بَابٌ : ذِكْرُ الدَّجَّالِ . هكذا قد قضى الله تعالى أن يدعوا المسيح المحمدي عليه السلام و جماعته المباركة ، و أن يحقق ـ عز و جل ـ بنفيه دعاءهم خاصة بعد أن سلب القوة من المسلمين ليعلم الخلق أن إنتشار الإسلام من أول يوم كان بالقوة القدسية لأهله لا بالسيف الحديدي . و ذلك حتى يثبت وجوده و يتجلى على المؤمنين ؛ لما ورد : " فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَمَا يَزْحَفُ جُوجُ عَلَى أَرْضِي يَحْتَدِمُ غَضَبِي فِي وَجْهِي ، و فِي خِضَمِّ غَيْرَتِي وَ اتِّقَادِ سَخَطِي أَقُولُ إِنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ . تَحْدُثُ هَزَّةٌ عَظِيمَةٌ فَيَرْتَعِشُ مِنْ حَضْرَتِي سَمَكُ الْبَحْرِ وَ طُيُورُ السَّمَاءِ وَ وُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ وَ جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ الدَّابَّةِ عَلَى الأَرْضِ ، وَ كُلُّ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الْمَسْكُونَةِ ، وَ تَنْدَكُّ الْجِبَالُ وَ تَسْقُطُ الْمَعَاقِلُ وَ تَنْهَارُ كُلُّ الأَسْوَارِ إِلَى الأَرْضِ . وَ أُسَلِّطُ عَلَيْهِ السَّيْفَ وَ أَدِينُهُ بِالْوَبَاءِ وَ بِالدَّمِ ، وَ أُمْطِرُ عَلَيْهِ وَ عَلَى جُيُوشِهِ وَ عَلَى جُمُوعِ حُلَفَائِهِ الْغَفِيرَةِ مَطَراً جَارِفاً وَ بَرَداً عَظِيماً وَ نَاراً وَ كِبْرِيتاً ، فَأُعَظِّمُ نَفْسِي وَ أَقَدِّسُهَا ، وَ أُعْلِنُ ذَاتِي عَلَى مَرْأَى مِنْ كُلِّ الأُمَمِ ، فَيُدْرِكُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ " " حزقيال " .
و الله تعالى أعلم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
................... يتبع بإذن الله تعالى ............
تعليقات
إرسال تعليق